الخوف والغضب وجهان لعملة واحدة, كلاهما يدفع الانسان لفعل مالا يرغب بفعله بل وكلاهما يدفع لفعل مالم يخطط الإنسان لفعله ابدًا. اكثر الأشياء ندمًا في حياتي فعلتهم بسبب ثلاث مشاعر, الخوف والغضب والوحدة والوحدة ليست ضمن حديثي لأنها ليست دافع بالعادة لفعل ما اندم عليه, فأنا وحيدة لعمرٍ كامل ولم تدفعني إلا للحظة. لكن الخوف والغضب لديهم تأثير جبار على سير حياة الإنسان وسلطة هائلة تمكنهم من السيطرة عليه, وكلاهما الخوف والغضب يترسبان داخل عقل وجسم الإنسان ويبقيان داخله ويتفاقمان مع الوقت, فخوف اليوم أشد من خوف الأمس والغضب كذلك, ولاسيما تشابه الأسباب ففي كل مرة يصيب الإنسان الخوف من ذات السبب سارع ذلك في تفاقم خوفه وارتفعت قدرة الخوف على تلبسه بشكل أسرع وأكبر في المرة القادمة, مما يدفع الإنسان لفعل مالا يحتاج إلى فعله فإذا صاب الإنسان الخوف بشكل مستمر من ذات السبب سيصل به الأمر إلى الهلع لمجرد الاقتراب من المسبب ويبدأ في الدخول في حالة دفاعية غير مبررة مما ينتج عنها الدفاع بأفعال لا تتناسب مع مسبب الهجوم. والغضب يسير بذات الطريقة بفارق "التفريغ والتعبير" أي أن الغضب إذا فُرِّغ من قبل الإنسان فقد تختلف النتائج, وهنا نقطة أخرى وهي كيفية تفريغ الإنسان لغصبه قد تكون طريقة تفريغه هي نتيجة سيئة لتفاقمه داخل الإنسان, وهناك شكلين للتفريغ عن الغضب, بشكلٍ واعي أو بشكل لا يعيه الإنسان, الشكل الأول ويحدث عندما يدرك الإنسان أنه يكن الغضب بداخله بصورة لا يستطيع تحملها فينتج عن ذلك قراره بالتفريغ, وهنا يختار الصورة المناسبة أو أن يتملكه الغضب في لحظة القرار تلك ويقرر التفريغ بشكل أسوأ, والشكل الآخر التفريغ بشكل لا واعي وهذا يحدث بطريقتين. أما يتم التفريغ عن الغضب بشكل دوري أثناء روتين الإنسان بتصرفات تتفاوت في السوء فنلاحظ أن الإنسان يتصرف تصرفات غريبة أثناء اليوم مثل أن يترك حديث في منتصفه أو يغلق الباب بقوة من دون سبب يرمي شيء ثقيل من دون أن يكترث لمن سيصيبه هذا الشيء الثقيل أو يصفع طفل لمجرد أنه اتكأ عليه!, والطريقة الأخرى وهي أن يتم التفريغ مرة واحدة ولكن من دون وعي من الإنسان عن السبب تحديدًا فنجد أن الإنسان يغضب بشكل هستيري لأسباب بسيطة جدًا لا تذكر فيضن من حوله أنه ربما مجنون أو به خلل. أما بالنسبة لي فأنا عرضت نفسي لخسارة كبيرة إلى هذه اللحظة اتفادى التفكير فيها فقط لأنني لا استطيع استيعابها, وكان السبب حيال هذه الخسارة هو خوفي الخوف الذي يكاد يكون له النصيب الأكبر في امتلاك عقلي هو من تملكني في تلك اللحظة وسيطر علي ليسيرني أمام مرأى نفسي لفعل ما نتج عنه هذه الخسارة العظمى التي نالت على شرف لقب أكبر خسارة محتمل تعرضي لها, وهذا ما يفعله الخوف وهذا ما يعرضه له وهذا ما ينتجه الإنسان الخائف. أما الغضب فكان من نصيبه أن يسيطر علي لخمس دقائق كاملة ليمكنني من إلحاق ضرر لا يتصلح أبدً لأكثر شخص أحببته طِوال حياتي, خمس دقائق فقط كانت كفيلة بأن تكون أكثر الدقائق ندمًا في ثلاثةِ وعشرون ربيعًا. إن الخوف والغضب مثل الحُمى إذا صابت الإنسان كلما زادت شدّة الحُمى زادت اعراضها خطورة, وهما كذلك ربما اطلق عليهم بالحُمى لأن جميعهم أمراض.